24 يوليو 2010

كارز للكل

أع 28 : 17 – 31

كارز للكل


.١٧وبعد ثلاثة أيام استدعى بولس الذين كانوا وجوه اليهود. فلما اجتمعوا قال لهم:"أيها الرجال الإخوة، مع أني لم أفعل شيئا ضد الشعب أو عوائد الآباء، أسلمت مقيدا من أورشليم إلى أيدي الرومانيين،١٨الذين لما فحصوا كانوا يريدون أن يطلقوني، لأنه لم تكن في علة واحدة للموت.١٩ولكن لما قاوم اليهود، اضطررت أن أرفع دعواي إلى قيصر، ليس كأن لي شيئا لأشتكي به على أمتي.٢٠فلهذا السبب طلبتكم لأراكم وأكلمكم، لأني من أجل رجاء إسرائيل موثق بهذه السلسلة".٢١فقالوا له:"نحن لم نقبل كتابات فيك من اليهودية، ولا أحد من الإخوة جاء فأخبرنا أو تكلم عنك بشيء ردي.٢٢ولكننا نستحسن أن نسمع منك ماذا ترى، لأنه معلوم عندنا من جهة هذا المذهب أنه يقاوم في كل مكان"


٢٣فعينوا له يوما، فجاء إليه كثيرون إلى المنزل، فطفق يشرح لهم شاهدا بملكوت الله، ومقنعا إياهم من ناموس موسى والأنبياء بأمر يسوع، من الصباح إلى المساء.٢٤فاقتنع بعضهم بما قيل، وبعضهم لم يؤمنوا.٢٥فانصرفوا وهم غير متفقين بعضهم مع بعض، لما قال بولس كلمة واحدة:"إنه حسنا كلم الروح القدس آباءنا بإشعياء النبي٢٦قائلا: اذهب إلى هذا الشعب وقل: ستسمعون سمعا ولا تفهمون، وستنظرون نظرا ولا تبصرون.٢٧لأن قلب هذا الشعب قد غلظ، وبآذانهم سمعوا ثقيلا، وأعينهم أغمضوها. لئلا يبصروا بأعينهم ويسمعوا بآذانهم ويفهموا بقلوبهم ويرجعوا، فأشفيهم.٢٨فليكن معلوما عندكم أن خلاص الله قد أرسل إلى الأمم، وهم سيسمعون!".٢٩ولما قال هذا مضى اليهود ولهم مباحثة كثيرة فيما بينهم.٣٠وأقام بولس سنتين كاملتين في بيت استأجره لنفسه. وكان يقبل جميع الذين يدخلون إليه،٣١كارزا بملكوت الله، ومعلما بأمر الرب يسوع المسيح بكل مجاهرة، بلا مانع.


+++++++++++++++++++++++++++++++++++


حتى في روما عاصمة العالم الأممي في ذلك الحين أخلص الرسول لمبدأه وهو الكرازة "لليهودي أولاً ثم اليوناني"، لذلك بدأ الرسول شهادته أولاً أمام وجهاء اليهود، ومع ما سبق أن سمعوه قبلاً اقتنع بعضهم بما قيل ... وقد أوضح لهم الرسول براءته، فإنه لم يرتكب جريمة تستحق الموت، وقد شهد الحكام الرومان أنفسهم بذلك. لم يهاجم الرسول الناموس ولا الأنبياء، إنما ينصب كل اتهامهم له في صداقته مع الأمم وفتح الباب لهم للخلاص، لأنهم يحملون كراهية للأمم (غل 2: 12). هنا يحدث يهودًا يعيشون في دار الأمم، في روما عاصمة العالم الأممي.


كان يتحدث معهم وهو موثق بالسلاسل مع العسكري المرافق له. إنه لا يبالي بهذا، فقد وضع الآلام تحت قدميه. وها هو يعلن لهم أنه موثق بهذه السلسلة من أجل الكرازة بالمسيا الذي طالما كان الآباء والأنبياء يترجون ظهوره، وقد جاء.


تحدث الرسول بولس معهم بكل وضوح، لكنهم لم يتفقوا معًا، فقد حدث بينهم شقاق، وكما قال السيد المسيح أنه جاء ليلقي نارًا (لو 12: 49، 51). وكما يقول الرسول بولس أن إنجيل المسيح يحمل رائحة حياة لحياة، ورائحة موت لموت (2 كو 2: 16). قبل البعض النور، بينما أغلق الغالبية أعينهم الداخلية عن معاينته.


سرّ عدم سماعهم للحق وعدم رؤيتهم للنور الإلهي هو إرادتهم الشريرة؛ فإنهم لا يريدون أن يسمعوا ولا أن يروا (زك 7: 11-12). إنهم يسدون آذانهم ويغمضون أعينهم، فيسمعون بآذانهم الجسدية، ولا تستطيع آذان قلوبهم أن تصغي، ويرون بأعينهم الجسدية، وتبقى أعين قلوبهم مصابة بالعمى. لقد أحبوا المرض الروحي وعشقوه وخشوا لئلا يشفيهم الله. إنهم كبابل التي أراد الله أن يشفيها، لكنها رفضت ذلك (إر 51: 9)، فلن يلزمها بالشفاء قسرًا... اقتبس الرسول بولس ما نطق به إشعياء النبي بالروح القدس (إش6: 9-10).


بقي الرسول لمدة عامين يكرز بلا عائق، لم يكن ممكنًا للسلسلتين، ولا للعسكر، أن يقيدوا بولس عن عمله. لم يكن ملتزمًا أن يعمل بيديه المقيدتين، بل كان الطعام والشراب يصل إليه بمقتضى القانون. صارت القيود علة لنجاح الكرازة إذ كتب: "ثم أريد أن تعلموا أيها الاخوة أن أموري قد آلت أكثر إلى تقدم الإنجيل، حتى أن وثقي صارت ظاهرة في المسيح في كل دار الولاية، وفي باقي الأماكن أجمع" (في 1: 12-13).


تركنا القديس لوقا في نهاية السفر دون أن يسجل لنا مصير القديس بولس، لأن ما يشغله ليس تأريخ حياة بولس الرسول، بل الكشف عن خدمته وكرازته، فقد قضى العامين لا يمارس الحرية الكاملة، إذ لم يكن يستطيع أن يتحرك، لكنه يستقبل كل من يرغب في اللقاء معه، وذلك في حضرة الحارس الروماني.


غالبًا ما كتب الرسول رسائله إلى أهل فيلبي وأفسس وكولوسى وفليمون وتيموثاوس (الثانية) وربما إلى العبرانيين وهو في السجن أو أثناء الاعتقال في روما في خلال هاتين السنتين.


أحبائي الاعزاء ها قد رأيتم أعمال بولس جزئيًا، هكذا كانت كلها محتشدة بالمخاطر... كان سماءً فيها شمس البرّ، ليس كالشمس التي نراها؛ فإن هذا الإنسان هو أفضل من السماء عينها...


لا يخطئ إنسان أن دعا قلب بولس بحرًا وسماءً. إنه بحر فيه رحلات لا تبحر من مدينة إلي مدينة، بل من الأرض إلى السماء؛ وأن أبحر إنسان في هذا البحر فستكون رحلته مزدهرة. في هذا البحر لا توجد رياح بل عوض الرياح الروح القدس الإلهي يسوق النفوس التي تبحر فيه. ليس فيه أمواج ولا صخرة ولا حيوانات مرهبة، كل شيء في هدوء... من يرغب في أن يبحر في هذا البحر لا يحتاج إلى غواصين، ولا إلى رتب، بل الحب المترفق يفيض، يجد كل الصالحات التي في ملكوت السماوات. يصير أيضًا قادرًا أن يكون ملكًا، ويملك العالم كله، ويكون في أعظم الكرامات. من يُبحر في هذا البحر لن يعاني من انكسار سفينته، بل كل الأمور تسير حسنًا...


ليتنا نحاكي بولس، ونتمثل بسموه، تلك النفس الماسية، فنتقدم في إثر خطوات حياته، حتى يمكننا أن نبحر في بحر هذه الحياة الحاضرة، ونبلغ الميناء حيث لا أمواج، وننال الصالحات الموعود بها، والحب لله بنعمة ورحمة ربنا يسوع المسيح له المجد مع الآب والروح القدس والقدرة والكرامة الآن وإلى أبد الأبد. آمين.


+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++

طوباك يا أيها العجيب في الكرازة.
لم تعرف للكرازة حدود!
ترى في كل إنسان مسيحك مخلص النفوس.
وتشتهي أن تحمل بالحب كل البشر,
تحتضنهم لتحمل بروح الله القدوس إلى أحضان الآب!
نجا كل من كانوا في السفينة،
تحقّقت رؤيا قدّيسك بولس،
وفي تواضع لم يتفاخر أنّه علّة خلاصهم من الدمار.
بل بروح الحب جدًا صار يجمع حطبًا ليتمتّع الكل بالتدفئة.
كانت أعماله، حتى البسيطة للغاية،
تتناغم مع كلماته وتعاليمه.
شهد لك بحبّه العملي، كما بكلماته.


كل سفر وأنتم طيبين... بكرة هنعلن عن أول ثمرة للجروب
صلوا من اجلنا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق