26 مارس 2012

الإرادة الصالحة والخطية الساكنة فينا


رومية 7: 14-25 




الإرادة الصالحة والخطية الساكنة فينا 

 14 فاننا نعلم ان الناموس روحي واما انا فجسدي مبيع تحت الخطية. 15 لاني لست اعرف ما انا افعله اذ لست افعل ما اريده بل ما ابغضه فاياه افعل. 16 فان كنت افعل ما لست اريده فاني اصادق الناموس انه حسن. 17 فالان لست بعد افعل ذلك انا بل الخطية الساكنة في. 18 فاني اعلم انه ليس ساكن في اي في جسدي شيء صالح.لان الارادة حاضرة عندي واما ان افعل الحسنى فلست اجد. 19 لاني لست افعل الصالح الذي اريده بل الشر الذي لست اريده فاياه افعل. 20 فان كنت ما لست اريده اياه افعل فلست بعد افعله انا بل الخطية الساكنة في

. 21 اذا اجد الناموس لي حينما اريد ان افعل الحسنى ان الشر حاضر عندي. 22 فاني اسر بناموس الله بحسب الانسان الباطن. 23 ولكني ارى ناموسا اخر في اعضائي يحارب ناموس ذهني ويسبيني الى ناموس الخطية الكائن في اعضائي. 24 ويحي انا الانسان الشقي.من ينقذني من جسد هذا الموت. 25 اشكر الله بيسوع المسيح ربنا.اذا انا نفسي بذهني اخدم ناموس الله ولكن بالجسد ناموس الخطية

+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++

هنا يبدأ بولس الرسول فى بلاغة رائعة وصف الصراع النفسى الداخلى للإنسان المحب للخير ولكن مغلوب من الشر، بادئاً بإعلانه أنه يحترم الناموس ولا يقلل من شأنه، إذ أن الناموس روحى مسلم بترتيب ملائكة (أع7: 53)، ملقياً بكل أسباب الخطية على نفسه كإنسان من لحم ودم قبل اتحاده بالروح القدس. فيقول القديس بولس نيابة عن كل نفس: أنا إنسان مُباع كعبد تحت أسر الخطية، فالناموس الروحى يطالبنى باتباع الصلاح بلا مساعدة، والنتيجة أنى كإنسان ممزق بين مطالب الروح وواقع الجسد المستعبد للخطية. 


أنا كإنسان لست أفهم هذا التناقض العجيب بين إرادتى وسلوكى، فإرادتى تبغض الشر ولكنى مغلوب فيه وضعيف أمامه، والنتيجة إننى أخطئ رغماً من صراخ ضميرى. فمثلاً أريد ألا أغضب، لأن الغضب يسبب مشاكل كثيرة، ولكن عندما أستثار أسقط فيه. فإذاً أنا لم أفعل ما أريده (طول الأناة)، بل فعلت ما لا أريده وهو الغضب.


+++ "لقد دفعني الشيطان لفعلها!" تبدو هذه حجة تافهة، رغم أنها قد تكون صحيحة، فبدون معونة المسيح نجد أن الخطية أقوى منا، وكثيرا ما لا نستطيع أن ندافع عن أنفسنا ضد هجماتها. ولهذا يجب ألا نقاوم الخطية بقوتنا منفردين، فالرب يسوع الذي انتصر على الخطية انتصارا كاملا مرة وإلى الأبد، يعدنا بأن يقف بجانبنا ويحارب عنا، فإذا التمسنا معونته، فلا يمكن أن نستسلم للخطية.


يؤكد الرسول ميل الطبيعة البشرية إلى الشر قبل عمل نعمة المسيح فى العهد الجديد، فى سر المعمودية وباقى الأسرار. وإن كانت إراده الإنسان التى يحركها الضمير ووصايا الناموس تريد عمل الخير، ولكنها لا تقدر أن تبعد عن الشر لضعف مقاومة الإنسان للخطية بل يميل إليها بسهولة.


يقدم لنا الرسول بولس ثلاثة دروس تعلمها في محاولته معالجة رغباته القديمة الأثيمة :
(1) ليست المعرفة هي الحل (7: 9)، فقد شعر بولس بأنه على ما يرام طالما أنه لم يفهم مطالب الشريعة، وعندما عرف الحقيقة أدرك أنه هالك. 
(2) إن الإرادة الذاتية لا جدوى منها (7: 15) فلقد وجد بولس نفسه يخطئ في أمور لم تكن جذابة له. 
(3) بل إن قداسة المؤمن العميقة لا تقمع فورا كل خطية في حياة المؤمن (7: 22-25). فمشابهة المسيح عملية تستغرق كل الحياة. ويشبه الرسول بولس النمو المسيحي بسباق عنيف أو صراع قاس (1كو 9: 24-27 ؛ 2تيمو 4: 7). 


وكما أكد بولس مشددا منذ أن بدأ كتابة رسالته إلى الكنيسة في روما، لا يوجد في العالم بريء، لا يوجد من يستحق الخلاص، لا الوثني الذي لا يعرف شرائع الله، ولا المسيحي، ولا اليهودي الذي يعرفها ويحاول أن يحفظها. كل واحد فينا عليه أن يعتمد اعتمادا كليا على عمل المسيح لخلاصنا، فنحن لا نستطيع أن نكسب الخلاص بسلوكنا الصالح.  


هناك ناموس آخر، وهو ناموس الخطية، أى رغباتى الشريرة فى تنفيذ الخطية بلا حدود، يجبرنى على صنع الخطية بالرغم من رفض ناموس ذهنى، أى ضميرى، لهذه الخطية.


من يحررنى أنا الإنسان الشقى بعد أن عجزت عن المقاومة؟ فإرادتى ضعيفة وعاجزة لا تستطيع أن تنصرنى على جسدى وفكرى الإنسانى، الذى أراد الخطية وصنعها، فأصبح جسداً محكوماً عليه بالموت. ورد السؤال، أن المنقذ هو المسيح بنعمته المخلصة من خلال المعمودية وأسرار الكنيسة وكل وسائط النعمة.


يشكر القديس بولس الله نيابة عنى وعنك، إذ قد جاء المنقذ والمخلص ربنا يسوع المسيح، لينهى الصراع ويحطم سلاسل الخطايا، ويفك أسر السبايا، ويصالح الإنسان الباطن مع الجسد فيتصالح الإنسان مع الله.


يشكر القديس بولس الله أيضا، لأن ناموس الخطية كان سارى المفعول على جسده فقط وليس على ذهنه الخادم لناموس الله. وبذلك كان حاله أفضل من الأمم، الذين خدموا ناموس الخطية بالجسد والذهن أيضا، فسلكوا فى الشر لأن وصايا الناموس لم تنبهم ولم يكن عندهم إلا الضمير فقط الذى يسهل تعويجه وانحرافه.


أما بولس فقد حُلت مشكلة ناموس الخطية الساكن فى جسده، عندما نال سر المعمودية، فمات الإنسان العتيق وأصبح ذهنياً وجسدياً خادماً لقوانين ووصايا المسيح. وبذلك نال التبرير الكامل وأصبح غير معرض للدينونة، وأصبحت دموع التوبة معمودية ثانية له فى أى وقت يقع فيه فى الخطية، ثم يقوم ويعلن رفضه لخضوعه لها.


+++ إن كنت تتمتع بنعمة المسيح التى تعطيك قوة للسير فى الطريق الصالح، فلا تعطِ فرصة للشر المسيطر عليك بالبعد عن مصادر الخطية والاقتراب من الكنيسة، فتزداد قوتك. ولا تنزعج من كثرة سقطاتك، فنعمة المسيح التى تتمسك بها قادرة فى النهاية أن تغلب كل ضعف أو ميل شرير يتولد داخلك نتيجة تهاونك أحيانا. فقط ثابر فى التوبة وطلب معونة الله.

+++++++++++++++++++++++++++++++++++++

صلاة : إلهنا المبارك ... انت رابح النفس الحكيم الذي تعرف رعيته وترفع عنها كل شر .. أعنا حتي نتبعك كل أيام حياتنا ونبارك اسمك القدوس.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق