تكوين 27
لقد سبق فعرف إسحق أن الكبير يستعبد من الصغير (25: 23)، وسمع أن عيسو في استهتار باع بكوريته بأكله عدس مستهينًا بها، ولمس في حياته ارتباطه بزوجتين وثنيتين بعيدتين عن إيمان أبيه كانتا علة مرارة له ولرفقة زوجته، ومع هذا فقد استدعاه ليأكل من صيد يديه وتباركه نفسه قبل أن يموت، يورثه البركة التي نالها عن أبيه إبراهيم ... نحن هنا لا نستطيع إنكار ضعف إسحق إذ أراد أن يبارك إنسانًا كعيسو سبق فأعلن الله أنه يكون مستعبدًا للصغير
عندما علمت رفقة أن إسحاق على وشك أن يبارك عيسو، رسمت خطتها بسرعة لتخدعه ليبارك يعقوب بدلا من أخيه. ومع أن الله سبق وأخبرها أن يعقوب هو الذي سيصبح رئيسا للعائلة (تك ٢٥: ٢٣-٢٦) أمسكت هي بزمام الأمور بين يديها، ولجأت إلى عمل شيء خطأ في محاولة منها لإتمام ما سبق أن وعد الله بإتمامه، فكانت الغاية عندها تبرر الوسيلة. ومهما كنا نظن أن غاياتنا صالحة، فيجب ألا نحاول بلوغها بطريق خاطيء.
كثيرا ما تكشف طرقنا في علاج المشاكل عن دوافعنا الحقيقية، فكثيرا ما نهتم بألا يكتشف أمرنا أكثر من اهتمامنا بعمل ما هو حق. ويبدو أن يعقوب لم يبال بما في خطة أمه من خداع، بل بالحري كان يخشى أن يكتشف وهو ينفذها. فإن كنت تخشى أن تكشف، فلعلك فعلا في موقف لا يمكن أن يوصف بالأمانة. فليكن خوفك من أن تكشف تحذيرا لك لتفعل ما هو حق. لقد دفع يعقوب ثمنا باهظا في تنفيذ خطته غير الأمينة.
تردد يعقوب عندما سمع خطة رفقة الخادعة. ومع أنه ناقش خطة أمه بدافع خاطيء وهو الخوف من أن ينكشف، إلا أنه احتج عليها وأعطى رفقة فرصة أخيرة لمراجعة تدبيرها. لكن رفقة كانت قد استغرقت للغاية في خطتها حتى إنها لم تعد قادرة أن ترى نتائج ما تفعل. لقد اصطادتها الخطية، فأهانت نفسها. فمراجعتك نفسك في وسط فعل الخطأ قد يؤلم ويسبب الاحباط، ولكنه أيضا يحرر من قبضة الخطية.
+++ مهما كان غرضك حسنا فكن مدققا في اختيار الوسيلة الحسنة وإياك ان تشجع غيرك علي الخطية فتسقط أنت وهو فيها لأن كل المكاسب المادية بلا قيمة أمام عصيان الله .
قبل أن يموت الأب، كان يقوم بإجراء طقسي يسمى "البركة" حيث يسلم رسميا حق البكورية للوارث الحقيقي. ومع أن الابن البكر كان له حق البكورية بحكم مولده، إلا أنه لم يكن يملك هذا الحق إلا بعد أن ينطق أبوه بالبركة. فقبل إعطاء البركة، يستطيع الأب أن يأخذ حق البكورية من الابن الأكبر ويعطيه لمن هو أكثر استحقاقا. ولكن بعد منح البركة، لم يكن ممكنا سحب هذا الحق. ولهذا كان الآباء ينتظرون إلى وقت متأخر في الحياة لإعطاء هذه البركة التي لا يمكن أن تتغير بعد ذلك. ومع أن يعقوب كان قد أخذ حق البكورية من أخيه الأكبر منذ سنوات عديدة، إلا أنه كان يحتاج إلى بركة أبيه ليجعل هذا الحق ثابتا له.
كنا نتوقع في رفقة كأم حكيمة وزوجة محبه لرجلها أن تصارح إسحق بما في قلبها وتذكره بالصوت الإلهي الخاص بمباركة الأصغر، لكن الله استخدم حتى ضعفها للخير، وإن كانت قد ذاقت مرارة تصرفاتها المتسرعة... أما هي فقد أتقنت الدور تمامًا فقد هيأت إسحق الطعام الذي يحبه، وأعطيت ليعقوب أن يلبس ثياب أخيه الحاملة لرائحته، وأن يضع جلدا على يديه وعنقه، هكذا يجد إسحق الطعام والرائحة واللمس فيبارك ابنه
مع أن يعقوب حصل على البركة التي أرادها، إلا أن خداعه لأبيه كلفه كثيرا، وهذه بعض عواقب أعماله : (١) لم ير أمه مرة أخرى. (٢) أراد أخوه أن يقتله. (٣) خدعه خاله لابان. (٤) مزقت المنازعات أسرته. (٥) أصبح عيسو مؤسسا لأمة تبادلت العداوة مع نسله لأجيال طويلة. (٦) نفي يعقوب بعيدا عن عائلته سنوات طويلة. ومما يدعو للسخرية أن يعقوب كان لابد أن ينال حق البكورية والبركة بدون هذه كلها لو لم يتبع طريق الخداع، لأن الله وعده بها (تك ٢٥: ٢٣). تصور كم كانت حياته تختلف لو أنه وأمه قد سمحا لله أن يتمم الأمور بطريقته وفي وقته هو!!
غضب عيسو غضبا عظيما على يعقوب حتى إنه لم يستطع أن يرى خطأه هو في بيع حق البكورية، أولا. والغضب الحاقد يفسد التفكير السليم إذ يعمينا عن رؤية الأشياء الطيبة التي لنا ويجعلنا نستغرق في التفكير فيما ليس لنا.
عندما فقد عيسو البركة العائلية الثمينة، تغير مستقبله فجأة، فتصرف في غضبه وقرر أن يقتل يعقوب. وعندما تفقد شيئا عظيم القيمة، أو إذا تآمر عليك آخرون ونجحوا، يكون الغضب هو رد الفعل الأول والطبيعي جدا. ولكنك تستطيع أن تضبط مشاعرك بأن : (١) تدرك رد فعلك وعلته. (٢) تصلي طالبا قوة. (٣) تطلب المعونة من الله لترى الفرص التي يمكن أن يتيحها لك موقفك السيىء.
١وحدث لما شاخ إسحاق وكلت عيناه عن النظر، أنه دعا عيسو ابنه الأكبر وقال له: "يا ابني". فقال له: "هأنذا".٢فقال: "إنني قد شخت ولست أعرف يوم وفاتي.٣فالآن خذ عدتك: جعبتك وقوسك، واخرج إلى البرية وتصيد لي صيدا،٤واصنع لي أطعمة كما أحب، وأتني بها لآكل حتى تباركك نفسي قبل أن أموت".٥وكانت رفقة سامعة إذ تكلم إسحاق مع عيسو ابنه. فذهب عيسو إلى البرية كي يصطاد صيدا ليأتي به.٦وأما رفقة فكلمت يعقوب ابنها قائلة: "إني قد سمعت أباك يكلم عيسو أخاك قائلا:٧ائتني بصيد واصنع لي أطعمة لآكل وأباركك أمام الرب قبل وفاتي.٨فالآن يا ابني اسمع لقولي في ما أنا آمرك به:٩اذهب إلى الغنم وخذ لي من هناك جديين جيدين من المعزى، فأصنعهما أطعمة لأبيك كما يحب،١٠فتحضرها إلى أبيك ليأكل حتى يباركك قبل وفاته".١١فقال يعقوب لرفقة أمه: "هوذا عيسو أخي رجل أشعر وأنا رجل أملس.١٢ربما يجسني أبي فأكون في عينيه كمتهاون، وأجلب على نفسي لعنة لا بركة".١٣فقالت له أمه: "لعنتك علي يا ابني. اسمع لقولي فقط واذهب خذ لي"
.١٤فذهب وأخذ وأحضر لأمه، فصنعت أمه أطعمة كما كان أبوه يحب.١٥وأخذت رفقة ثياب عيسو ابنها الأكبر الفاخرة التي كانت عندها في البيت وألبست يعقوب ابنها الأصغر،١٦وألبست يديه وملاسة عنقه جلود جديي المعزى.١٧وأعطت الأطعمة والخبز التي صنعت في يد يعقوب ابنها.١٨فدخل إلى أبيه وقال: "يا أبي". فقال: "هأنذا. من أنت يا ابني؟"١٩فقال يعقوب لأبيه: "أنا عيسو بكرك. قد فعلت كما كلمتني. قم اجلس وكل من صيدي لكي تباركني نفسك".٢٠فقال إسحاق لابنه: "ما هذا الذي أسرعت لتجد يا ابني؟" فقال: "إن الرب إلهك قد يسر لي".٢١فقال إسحاق ليعقوب: "تقدم لأجسك يا ابني. أأنت هو ابني عيسو أم لا؟".٢٢فتقدم يعقوب إلى إسحاق أبيه، فجسه وقال: "الصوت صوت يعقوب، ولكن اليدين يدا عيسو".٢٣ولم يعرفه لأن يديه كانتا مشعرتين كيدي عيسو أخيه، فباركه.٢٤وقال: "هل أنت هو ابني عيسو؟" فقال: "أنا هو".٢٥فقال: "قدم لي لآكل من صيد ابني حتى تباركك نفسي". فقدم له فأكل، وأحضر له خمرا فشرب.٢٦فقال له إسحاق أبوه: "تقدم وقبلني يا ابني"
.٢٧فتقدم وقبله، فشم رائحة ثيابه وباركه، وقال: "انظر! رائحة ابني كرائحة حقل قد باركه الرب.٢٨فليعطك الله من ندى السماء ومن دسم الأرض. وكثرة حنطة وخمر.٢٩ليستعبد لك شعوب، وتسجد لك قبائل. كن سيدا لإخوتك، وليسجد لك بنو أمك. ليكن لاعنوك ملعونين، ومباركوك مباركين".٣٠وحدث عندما فرغ إسحاق من بركة يعقوب، ويعقوب قد خرج من لدن إسحاق أبيه، أن عيسو أخاه أتى من صيده،٣١فصنع هو أيضا أطعمة ودخل بها إلى أبيه وقال لأبيه: "ليقم أبي ويأكل من صيد ابنه حتى تباركني نفسك".٣٢فقال له إسحاق أبوه: "من أنت؟" فقال: "أنا ابنك بكرك عيسو".٣٣فارتعد إسحاق ارتعادا عظيما جدا وقال: "فمن هو الذي اصطاد صيدا وأتى به إلي فأكلت من الكل قبل أن تجيء، وباركته؟ نعم، ويكون مباركا".٣٤فعندما سمع عيسو كلام أبيه صرخ صرخة عظيمة ومرة جدا، وقال لأبيه: "باركني أنا أيضا يا أبي".٣٥فقال: "قد جاء أخوك بمكر وأخذ بركتك".٣٦فقال: "ألا إن اسمه دعي يعقوب، فقد تعقبني الآن مرتين! أخذ بكوريتي، وهوذا الآن قد أخذ بركتي". ثم قال: "أما أبقيت لي بركة؟"٣٧فأجاب إسحاق وقال لعيسو: "إني قد جعلته سيدا لك، ودفعت إليه جميع إخوته عبيدا، وعضدته بحنطة وخمر. فماذا أصنع إليك يا ابني؟
"٣٨فقال عيسو لأبيه: "ألك بركة واحدة فقط يا أبي؟ باركني أنا أيضا يا أبي". ورفع عيسو صوته وبكى.٣٩فأجاب إسحاق أبوه: "هوذا بلا دسم الأرض يكون مسكنك، وبلا ندى السماء من فوق.٤٠وبسيفك تعيش، ولأخيك تستعبد، ولكن يكون حينما تجمح أنك تكسر نيره عن عنقك".٤١فحقد عيسو على يعقوب من أجل البركة التي باركه بها أبوه. وقال عيسو في قلبه: "قربت أيام مناحة أبي، فأقتل يعقوب أخي".٤٢فأخبرت رفقة بكلام عيسو ابنها الأكبر، فأرسلت ودعت يعقوب ابنها الأصغر وقالت له: "هوذا عيسو أخوك متسل من جهتك بأنه يقتلك.٤٣فالآن يا ابني اسمع لقولي، وقم اهرب إلى أخي لابان إلى حاران،٤٤وأقم عنده أياما قليلة حتى يرتد سخط أخيك.٤٥حتى يرتد غضب أخيك عنك، وينسى ما صنعت به. ثم أرسل فآخذك من هناك. لماذا أعدم اثنيكما في يوم واحد؟".٤٦وقالت رفقة لإسحاق: "مللت حياتي من أجل بنات حث. إن كان يعقوب يأخذ زوجة من بنات حث مثل هؤلاء من بنات الأرض، فلماذا لي حياة؟".
.١٤فذهب وأخذ وأحضر لأمه، فصنعت أمه أطعمة كما كان أبوه يحب.١٥وأخذت رفقة ثياب عيسو ابنها الأكبر الفاخرة التي كانت عندها في البيت وألبست يعقوب ابنها الأصغر،١٦وألبست يديه وملاسة عنقه جلود جديي المعزى.١٧وأعطت الأطعمة والخبز التي صنعت في يد يعقوب ابنها.١٨فدخل إلى أبيه وقال: "يا أبي". فقال: "هأنذا. من أنت يا ابني؟"١٩فقال يعقوب لأبيه: "أنا عيسو بكرك. قد فعلت كما كلمتني. قم اجلس وكل من صيدي لكي تباركني نفسك".٢٠فقال إسحاق لابنه: "ما هذا الذي أسرعت لتجد يا ابني؟" فقال: "إن الرب إلهك قد يسر لي".٢١فقال إسحاق ليعقوب: "تقدم لأجسك يا ابني. أأنت هو ابني عيسو أم لا؟".٢٢فتقدم يعقوب إلى إسحاق أبيه، فجسه وقال: "الصوت صوت يعقوب، ولكن اليدين يدا عيسو".٢٣ولم يعرفه لأن يديه كانتا مشعرتين كيدي عيسو أخيه، فباركه.٢٤وقال: "هل أنت هو ابني عيسو؟" فقال: "أنا هو".٢٥فقال: "قدم لي لآكل من صيد ابني حتى تباركك نفسي". فقدم له فأكل، وأحضر له خمرا فشرب.٢٦فقال له إسحاق أبوه: "تقدم وقبلني يا ابني"
.٢٧فتقدم وقبله، فشم رائحة ثيابه وباركه، وقال: "انظر! رائحة ابني كرائحة حقل قد باركه الرب.٢٨فليعطك الله من ندى السماء ومن دسم الأرض. وكثرة حنطة وخمر.٢٩ليستعبد لك شعوب، وتسجد لك قبائل. كن سيدا لإخوتك، وليسجد لك بنو أمك. ليكن لاعنوك ملعونين، ومباركوك مباركين".٣٠وحدث عندما فرغ إسحاق من بركة يعقوب، ويعقوب قد خرج من لدن إسحاق أبيه، أن عيسو أخاه أتى من صيده،٣١فصنع هو أيضا أطعمة ودخل بها إلى أبيه وقال لأبيه: "ليقم أبي ويأكل من صيد ابنه حتى تباركني نفسك".٣٢فقال له إسحاق أبوه: "من أنت؟" فقال: "أنا ابنك بكرك عيسو".٣٣فارتعد إسحاق ارتعادا عظيما جدا وقال: "فمن هو الذي اصطاد صيدا وأتى به إلي فأكلت من الكل قبل أن تجيء، وباركته؟ نعم، ويكون مباركا".٣٤فعندما سمع عيسو كلام أبيه صرخ صرخة عظيمة ومرة جدا، وقال لأبيه: "باركني أنا أيضا يا أبي".٣٥فقال: "قد جاء أخوك بمكر وأخذ بركتك".٣٦فقال: "ألا إن اسمه دعي يعقوب، فقد تعقبني الآن مرتين! أخذ بكوريتي، وهوذا الآن قد أخذ بركتي". ثم قال: "أما أبقيت لي بركة؟"٣٧فأجاب إسحاق وقال لعيسو: "إني قد جعلته سيدا لك، ودفعت إليه جميع إخوته عبيدا، وعضدته بحنطة وخمر. فماذا أصنع إليك يا ابني؟
"٣٨فقال عيسو لأبيه: "ألك بركة واحدة فقط يا أبي؟ باركني أنا أيضا يا أبي". ورفع عيسو صوته وبكى.٣٩فأجاب إسحاق أبوه: "هوذا بلا دسم الأرض يكون مسكنك، وبلا ندى السماء من فوق.٤٠وبسيفك تعيش، ولأخيك تستعبد، ولكن يكون حينما تجمح أنك تكسر نيره عن عنقك".٤١فحقد عيسو على يعقوب من أجل البركة التي باركه بها أبوه. وقال عيسو في قلبه: "قربت أيام مناحة أبي، فأقتل يعقوب أخي".٤٢فأخبرت رفقة بكلام عيسو ابنها الأكبر، فأرسلت ودعت يعقوب ابنها الأصغر وقالت له: "هوذا عيسو أخوك متسل من جهتك بأنه يقتلك.٤٣فالآن يا ابني اسمع لقولي، وقم اهرب إلى أخي لابان إلى حاران،٤٤وأقم عنده أياما قليلة حتى يرتد سخط أخيك.٤٥حتى يرتد غضب أخيك عنك، وينسى ما صنعت به. ثم أرسل فآخذك من هناك. لماذا أعدم اثنيكما في يوم واحد؟".٤٦وقالت رفقة لإسحاق: "مللت حياتي من أجل بنات حث. إن كان يعقوب يأخذ زوجة من بنات حث مثل هؤلاء من بنات الأرض، فلماذا لي حياة؟".
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
لقد سبق فعرف إسحق أن الكبير يستعبد من الصغير (25: 23)، وسمع أن عيسو في استهتار باع بكوريته بأكله عدس مستهينًا بها، ولمس في حياته ارتباطه بزوجتين وثنيتين بعيدتين عن إيمان أبيه كانتا علة مرارة له ولرفقة زوجته، ومع هذا فقد استدعاه ليأكل من صيد يديه وتباركه نفسه قبل أن يموت، يورثه البركة التي نالها عن أبيه إبراهيم ... نحن هنا لا نستطيع إنكار ضعف إسحق إذ أراد أن يبارك إنسانًا كعيسو سبق فأعلن الله أنه يكون مستعبدًا للصغير
عندما علمت رفقة أن إسحاق على وشك أن يبارك عيسو، رسمت خطتها بسرعة لتخدعه ليبارك يعقوب بدلا من أخيه. ومع أن الله سبق وأخبرها أن يعقوب هو الذي سيصبح رئيسا للعائلة (تك ٢٥: ٢٣-٢٦) أمسكت هي بزمام الأمور بين يديها، ولجأت إلى عمل شيء خطأ في محاولة منها لإتمام ما سبق أن وعد الله بإتمامه، فكانت الغاية عندها تبرر الوسيلة. ومهما كنا نظن أن غاياتنا صالحة، فيجب ألا نحاول بلوغها بطريق خاطيء.
كثيرا ما تكشف طرقنا في علاج المشاكل عن دوافعنا الحقيقية، فكثيرا ما نهتم بألا يكتشف أمرنا أكثر من اهتمامنا بعمل ما هو حق. ويبدو أن يعقوب لم يبال بما في خطة أمه من خداع، بل بالحري كان يخشى أن يكتشف وهو ينفذها. فإن كنت تخشى أن تكشف، فلعلك فعلا في موقف لا يمكن أن يوصف بالأمانة. فليكن خوفك من أن تكشف تحذيرا لك لتفعل ما هو حق. لقد دفع يعقوب ثمنا باهظا في تنفيذ خطته غير الأمينة.
تردد يعقوب عندما سمع خطة رفقة الخادعة. ومع أنه ناقش خطة أمه بدافع خاطيء وهو الخوف من أن ينكشف، إلا أنه احتج عليها وأعطى رفقة فرصة أخيرة لمراجعة تدبيرها. لكن رفقة كانت قد استغرقت للغاية في خطتها حتى إنها لم تعد قادرة أن ترى نتائج ما تفعل. لقد اصطادتها الخطية، فأهانت نفسها. فمراجعتك نفسك في وسط فعل الخطأ قد يؤلم ويسبب الاحباط، ولكنه أيضا يحرر من قبضة الخطية.
+++ مهما كان غرضك حسنا فكن مدققا في اختيار الوسيلة الحسنة وإياك ان تشجع غيرك علي الخطية فتسقط أنت وهو فيها لأن كل المكاسب المادية بلا قيمة أمام عصيان الله .
قبل أن يموت الأب، كان يقوم بإجراء طقسي يسمى "البركة" حيث يسلم رسميا حق البكورية للوارث الحقيقي. ومع أن الابن البكر كان له حق البكورية بحكم مولده، إلا أنه لم يكن يملك هذا الحق إلا بعد أن ينطق أبوه بالبركة. فقبل إعطاء البركة، يستطيع الأب أن يأخذ حق البكورية من الابن الأكبر ويعطيه لمن هو أكثر استحقاقا. ولكن بعد منح البركة، لم يكن ممكنا سحب هذا الحق. ولهذا كان الآباء ينتظرون إلى وقت متأخر في الحياة لإعطاء هذه البركة التي لا يمكن أن تتغير بعد ذلك. ومع أن يعقوب كان قد أخذ حق البكورية من أخيه الأكبر منذ سنوات عديدة، إلا أنه كان يحتاج إلى بركة أبيه ليجعل هذا الحق ثابتا له.
كنا نتوقع في رفقة كأم حكيمة وزوجة محبه لرجلها أن تصارح إسحق بما في قلبها وتذكره بالصوت الإلهي الخاص بمباركة الأصغر، لكن الله استخدم حتى ضعفها للخير، وإن كانت قد ذاقت مرارة تصرفاتها المتسرعة... أما هي فقد أتقنت الدور تمامًا فقد هيأت إسحق الطعام الذي يحبه، وأعطيت ليعقوب أن يلبس ثياب أخيه الحاملة لرائحته، وأن يضع جلدا على يديه وعنقه، هكذا يجد إسحق الطعام والرائحة واللمس فيبارك ابنه
مع أن يعقوب حصل على البركة التي أرادها، إلا أن خداعه لأبيه كلفه كثيرا، وهذه بعض عواقب أعماله : (١) لم ير أمه مرة أخرى. (٢) أراد أخوه أن يقتله. (٣) خدعه خاله لابان. (٤) مزقت المنازعات أسرته. (٥) أصبح عيسو مؤسسا لأمة تبادلت العداوة مع نسله لأجيال طويلة. (٦) نفي يعقوب بعيدا عن عائلته سنوات طويلة. ومما يدعو للسخرية أن يعقوب كان لابد أن ينال حق البكورية والبركة بدون هذه كلها لو لم يتبع طريق الخداع، لأن الله وعده بها (تك ٢٥: ٢٣). تصور كم كانت حياته تختلف لو أنه وأمه قد سمحا لله أن يتمم الأمور بطريقته وفي وقته هو!!
غضب عيسو غضبا عظيما على يعقوب حتى إنه لم يستطع أن يرى خطأه هو في بيع حق البكورية، أولا. والغضب الحاقد يفسد التفكير السليم إذ يعمينا عن رؤية الأشياء الطيبة التي لنا ويجعلنا نستغرق في التفكير فيما ليس لنا.
عندما فقد عيسو البركة العائلية الثمينة، تغير مستقبله فجأة، فتصرف في غضبه وقرر أن يقتل يعقوب. وعندما تفقد شيئا عظيم القيمة، أو إذا تآمر عليك آخرون ونجحوا، يكون الغضب هو رد الفعل الأول والطبيعي جدا. ولكنك تستطيع أن تضبط مشاعرك بأن : (١) تدرك رد فعلك وعلته. (٢) تصلي طالبا قوة. (٣) تطلب المعونة من الله لترى الفرص التي يمكن أن يتيحها لك موقفك السيىء.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++ صلاة : إلهنا المبارك أنت تعرف دواخلنا وظواهرنا . أعني يا ربر علي معرفة ذاتي المعرفة الحقيقة وأن أكون حسب ما تريدني أنت أن أكون قدني الي حيث ما تريدني أن أذهب آمين .
شاركنا بتأملك الشخصي لنص النهاردة من هنا
صلوا من أجل الخدمة واستمرارها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق